الموسيقى يمكنها أن تعود بذاكرتنا إلى الوراء مرة أخرى.. إلى ذكرياتنا الجميلة التي عشناها أثناء الصيف على الشاطئ، أو خلال مباراة كرة القدم أثناء المدرسة الثانوية، كذلك يمكن للوحة فنية أن تأخذنا إلى مكان آخر أيضا، وهذا يعني أن بإمكان هذه الفنون أن تأخذ بعض المرضى بعيدا عن الآلام التي يعانون منها.
تقول سوزان هانزر المعالجة الموسيقية في جامعة بوسطن "إن الموسيقى يمكن أن تكون أداة فعالة في جعل المريض يسترخي بعمق". وعمليا فإن استخداماتها متنوعة، فعلى سبيل المثال، يمكن للموسيقى أن تستخدم كمحور تركيز صوتي لمساعدة الأم على التركيز على تنفسها أثناء عملية الولادة.
ويزداد اعتماد المستشفيات في الولايات المتحدة على المعالجين الموسيقيين للتعامل مع المرضى، سواء كانوا أمهات حوامل أو المرضى المصابين بالسرطان.
وتضيف هانزر أن "العديد من المرضى يكونون متعبين لدرجة لا يمكنهم الكلام، ولكن حين تبدأ الموسيقى بالعزف ترتخي أعصابهم ويمكنهم التعبير عما يشعرون به".
وتضيف هانزر: "بالنسبة للمرضى الذين يعانون من ألم شديد أو هياج، فإن الموسيقى تعد وسيلة إلهاء هائلة، فهي أداة قوية يمكنها مساعدتهم على الاسترخاء بعمق".
كما نشرت هانزر دراستين تبين أن العلاج بالموسيقى هو أداة قيمة في تخفيف الصعوبات العاطفية للمسنين، وهو واحد من الأكثر دراسة من بين العلاجات بالفنون، وأجريت بحوث على تأثيره على الأطفال، بما في ذلك على الأطفال الخدج، وعلى المرضى قبل الجراحة، وعلى الأفراد المصابين بأمراض في الدماغ.
يقول أودري أوكونيل، الأستاذ المساعد للعلاج بالموسيقى في معهد كونسيرفاتوري للموسيقى بجامعة المحيط الهادئ في ستوكتون، كاليفورنيا: "عندما يستمعون إلى الموسيقى، فإنها يمكن أن تجعلهم في مكان آخر، وتسافر بعقولهم بعيدا عن التفكير بالإجراءات والاختبارات التي يتعين عليهم خضوعها".
* العلاج بالفنون الأخرى
بدأ العلاج بالفن في الأربعينيات والخمسينيات في الولايات المتحدة وإنكلترا، وكان يستخدم منذ فترة طويلة كعلاج فعال للأشخاص الذين يعانون من صعوبات تنموية أو طبية أو تعليمية أو اجتماعية أو نفسية.
والعلاج الدرامي (يرتكز على توفير فرصة للمشاركين لرواية قصصهم، وتحديد الأهداف وحل المشاكل، والتعبير عن المشاعر)، أحدث من العلاج بالموسيقى (البعض يقول استخدام الموسيقى كعلاج للشفاء من الأمراض المختلفة يمكن أن ترجع إلى القرن ال 18)، كما يجري استخدامه أكثر في الأوساط السريرية.
ويستخدم دون لافون، المعالج الدرامي المسجل ورئيس الرابطة الوطنية لتحاليل الفنون، الرئيس السابق للرابطة الوطنية للعلاج بالدراما، ومدير ستوب-غاب، مجموعة العلاج الدرامي، العلاج الدرامي كأداة للوقاية والعلاج.
وشركته تقوم بعمل ما يقارب من 20 مسرحية في جولة في جميع أنحاء جنوب كاليفورنيا، لمساعدة الناس على التعلم والتعامل مع مواضيع مختلفة مثل فيروس نقص المناعة البشرية، الإيدز، الاغتصاب، وإدمان الكحول.
ويقول: "هذه مواضيع صعبة للتواصل"، كما قاموا بهذه المسرحيات في مستشفيات الأطفال المصابين بالسرطان، وفي ملاجئ للنساء والأطفال الذين يتعرضون للضرب، وفي مراكز الرعاية النهارية للكبار، وفي برامج الاعتماد على الكحول والمخدرات.
ويبين دون لافون أنه "لم يتم كتابة أي نصوص لهذه المسرحيات، ولكن معظم الزبائن يشعرون بالعجز، لذا نحن نقوم بتغذيتهم بالقوة، فالأطفال يتصرفون كأطباء أو ممرضات، على سبيل المثال، في حين أن المعالجين هم الأطفال".
وأكمل "إننا لم نضع ضحية في دور الضحية" وأضاف "نريد أن يكون لهم فترة راحة، ونريد لهم أيضا أن يشعروا بما يشبه الحصول على بعض السلطة". عندما تتاح للناس فرصة التصرف في دور آخر، غالبا ما يكونون قادرين على رؤية وضعهم في ضوء جديد.
وخلافا للعلاج بالموسيقى، لم يتم إجراء الكثير من الأبحاث في مجال العلاج الدرامي، ويوافق لافون على ضرورة إجراء المزيد من الدراسات والمزيد من "البيانات الحقيقية". ومع ذلك، يقول: "لقد رأيت أشياء مذهلة تحدث".
0 التعليقات:
إرسال تعليق